L’appel de Mustapha Ben Jaâfar pour saisir cette « chance historique »

06-11-2019

Le président de l’Assemblée nationale constituante, Mustapha Ben Jaâfar, affirme que la Tunisie vit un moment historique, comparable à celui qu’on avait vécu en 2011, appelant à saisir cette chance, à dépasser les querelles du passé, et la guerre des égos.

Dans une longue tribune parue ce mercredi 06 novembre sur sa page facebook, cet opposant de longue date à l’ancien régime estime que les résultats des dernières législatives imposent à tous l’humilité, « toutes les parties sont minoritaires, et aucune n’a une légitimité absolue », souligne-t-il, appelant « à cesser d’entraver le fonctionnement de l’Etat… »

Le fondateur d’Ettakatol appelle « à rompre avec la logique des Azzlams et Khouanjya », et recommande de se lancer dans la concrétisation des exigences de l’étape, énumérant les priorités sur lesquelles, il faudrait plancher en urgence …Nous reproduisons en ce qui suit l’intégralité de son texte :

نداء إلى من يهمّه الأمر
إنها فرصة تاريخية، فلنتجنّب أخطاء الماضي !

قد تكون الذاكرة الجماعية قصيرة بعض الأحيان وقد تلقي المستجدّات بضلالها على الوعي الجماعيّ فينساق وراء تسارعها وصداها ويؤثّر ذلك على التحاليل الموضوعية والقراءات الدقيقة للأوضاع،ـ وما أشبه ما نراه اليوم بما شهدناه عقب انتخابات 2011 حيث تحصلت حركة النهضة على أكبر عدد من المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي ودعيت لتشكيل حكومة تحت ضغوطات زادتها قوة و توترا الاستقالة المفاجئة لحكومة الأستاذ الباجي قائد السبسي.

والعجيب في الأمر هو أن بعض الأحزاب السياسية التي تحصّلت على تمثيلية شعبية صلب المجلس أخذها الحماس المفرط والمبالغ فيه وصدعت قبل الإعلان الرسمي عن النتائج بخطاب معارض لحكومة لم تنطلق المشاورات في شأنها أصلا، و لم تسنح لها فرصة تقديم برنامجها.

إن مثل هذه المواقف المتسرعة لم ترتق حينها إلى درجة المسؤولية التي تقتضيها تجربة تأسيسية ما زالت تتلمس الخطوات الأولى في طريق مليء بالأشواك، و لا تنسجم مع تقاليد العمل السياسي و نواميس الدولة الديمقراطية.

لا أخفي أنني شعرت آنذاك بالخذلان خاصة و أن الفاعلين من رفاق الدرب لطالما ناضلنا جنبا لجنب من أجل التصدي للاستبداد و إعلاء راية الديمقراطية و الحريات و حقوق الإنسان، ولكن عندما جاءت اللحظة التاريخية و أتيحت لنا الفرصة الفريدة لم يكن لنا ما يلزم من الجرأة و نكران الذات لتلقفها و تقديم الأهمّ – قيادة المسار الانتقالي إلى برّ الأمان – على ما بدا للبعض مهمّا – الصراع من أجل المواقع و المراهنة على فشل المنافس.

وأستحضر هنا مقولة بعض شباب الثورة وهم يصفون قادة النضال ضدّ الاستبداد بأن « جمعتهم الثورة وفرقتهم الأحزاب ».

ليس المجال سانحا لتقييم مرحلة 2012 /2014 و قد يحتاج ذلك إلى الابتعاد أكثر عن زمن الأحداث و إلى مناخ أهدأ يسمح بالمساءلة و المحاسبة النزيهة لما حصل بإيجابياته و سلبياته، و لكن في المحصلة، رغم التعثرات و المصاعب و العراقيل و مصائب الإرهاب، كسب التونسيات و التونسيون الرهان و أصبح العالم يشير إلى التجربة التونسية كمثال ناجح و ملهم لبقية الشعوب التائقة للحرية سواء تعلق الأمر بالدستور التقدمي التوافقي أو بالتداول السلمي على الحكم أو بالمواءمة بين هوية المجتمع التونسي و الديمقراطية.

ثم جاءت اتنخابات 2014 و عشنا فترة كان من المفروض أن نحقق فيها أمرين لم نحقق أيا منهما، أولهما استكمال البناء الديمقراطي عبر وضع المؤسسات الدستورية و ثانيهما مراجعة النموذج التنموي و الانطلاق في الإصلاحات اللازمة قصد تحقيق مقومات الكرامة التي قامت الثورة من أجلها.

انتهت العهدة النيابية في ظروف أليمة لم تكن متوقعة، حيث أدخلت وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، و ما انجر عنها من انتخابات رئاسية مسبقة، شيئا من الإرباك على الانتخابات التشريعية. و لا يمكن تقييم المحطات الانتخابية الأخيرة بمعزل عن حالة الفوضى التي شهدتها الساحة السياسيّة والحزبيّة و الإعلامية في السنوات الأخيرة.

فالغياب المستمرّ لجلّ المؤسسات الرقابية التي جاء بها دستور الجمهورية الثانية و الغياب المريب لقانون ينظم نشاط الأحزاب و يضمن التسيير الديمقراطي صلبها و الحد الأدنى لتمويلها و ما نتج عن ذلك من سياحة حزبية و برلمانية، و تركيز الصراع على المواقع على حساب البرامج و ترذيل الخطاب السياسي و استشراء الفساد، كل ذلك تسبب في التشتّت والتناحر الذي تعيشه الأحزاب و تقهقر منسوب ثقة المواطنين فيها و في الطبقة السياسية عموما. فكانت النتيجة عزوفا للناخبين يبعث على القلق و مجلسا نيابيا فسيفسائيا لا شك أن إدارته ستكون صعبة وستتطلب الكثير من الحنكة و الحكمة و الرصانة.

و في المقابل، و كأن الشعب أراد تعديل المشهد و تصحيحه، فبعث للطبقة السياسية برسالة تحيي النفس الثوري و تتضمن دعوة ملحة للتدارك. فكانت الموجة العارمة التي حملت الرئيس قيس سعيد إلى قرطاج،

و ها نحن، و بعد ثمان سنوات من انتخابات 2011، نعيش من جديد لحظة تاريخية تذكّرنا بما غمرنا من اعتزاز و نخوة و شعور بثقل المسؤولية إثر هروب الطاغية.
إنها فرصة فريدة من الواجب أن يتلقفها كل وطني غيور يحب تونس و يحلم بمستقبل مشرق تعم فيه الحريات و يتحقق فيه الرفاه و العيش الكريم..

هل نحن قادرون كل من موقعه على استخلاص الدرس من أخطاء الماضي و هل ستكون لنا الشجاعة الكافية للتواضع و تقديم التنازلات الضرورية من أجل تونس التي نريد؟
قيل أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتدقيق فهل نحن قادرون على النظر و التدقيق ؟

لقد حان الوقت لاستخلاص الدروس من تجاربنا و لتدارك أخطائنا. فلا بد من القطع مع منطق الإقصاء و الكراهية والتفرقة، منطق « الأزلام » و « الخوانجية »، منطق المزايدات والمناورات والتراشق بالتهم وتصفية الحسابات في المنابر الإعلامية وإرسال الرسائل المشفّرة والمباشرة والتعبئة للفكر الواحد، هل هذا هو المناخ الذي يسمح بالتفاوض حول مصير البلاد في هذا الظرف الدقيق؟

إن مثل هذا السلوك ليس سليما و لا جديا و لن ينفع لا البلاد ولا العباد. بل سيضرّ أولا بالطبقة السياسية قاطبة حبث سيجذبنا إلى الوراء و يعمّق من جديد الهوّة بين الشعب والسياسيّين،

إحساسي أن نسيم الثقة يعود و خاصة في صفوف الشباب، فلا تغلقوا النوافذ و لنتنفسه بملء رئتينا! لأن الثقة مكسب نادر و ثمين و هو عنصر أساسي و ضروري لكل من يحمل مشروعا وطنيا يخرج البلاد من أزمتها الخانقة و يبني تونس الجديدة، تونس المستقبل. و لكن الثقة مؤقتة و لا تدوم إلا بفعل حازم و متواصل يخدم المصلحة العامة.

فهل سنتخلص من عيوب الأنا و الحسابات الضيقة و المراهنة على فشل المنافس؟ هل نجرؤ على تحمل أعباء المرحلة فنعبئ كل طاقاتنا لإخراج تونس من المأزق؟

والأكيد أنّ تصرفات النواب في هذه المرحلة ثمّ أولى الإجراءات التي ستتخذها الحكومة المنتظر تشكيلها ستكون محل تدقيق و إمعان. فأما أن تدعم هذا المناخ و نعزز الثقة أو تؤدّي لا قدّر الله إلى خيبة أمل ونكسة جديدة يصعب التكهن بنتائجها.

إن نتائج الانتخابات التشريعة الأخيرة تفرض على الجميع التواضع فالكلّ أقلّي ولا شرعية مطلقة لأيّ طرف. و لا بد، و في إطار مستلزمات الدستور، من الكفّ عن تعطيل سير الدولة فالوضع لا يتحمّل مزيدا من التراخي.
المطلوب أن ننطلق في إنجاز ما تتطلبه المرحلة المقبلة. و في هذا الصدد، و بدون إنكار وجود أزمة الديمقراطية التمثيلية و ضرورة التفكير المعمق في الآليات التي تكرس ديمقراطية القرب و السلطة المحلية، فإني أعتقد أن مراجعة النظام السياسي في أي اتجاه كان ستلهينا عن تعبئة طاقاتنا لإنجاز أولويات المرحلة القادمة ،و هي واضحة بل ملحّة:

 مواصلة البناء المؤسساتي الديمقراطي و إرساء دولة القانون

 الانطلاق في أقرب وقت بالإصلاحات الكبرى فيما يخصّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

 وضع قانون الأحزاب و مراجعة القانون الانتخابي بما يضفي الاستقرار السياسي الضروري لإنجاح الإصلاحات المنشودة.

وضع منهجية جديدة للتفاوض بين الحكومة و المنظمات الوطنية عبر تفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي.

 الاتفاق على ميثاق أخلقة الحياة السياسية خطابا و ممارسة و إعلاما والتركيز على الأولويات وعدم الانسياق وراء الأحداث اليومية والمشاجرات المفتعلة وخاصة العنف اللفظي أو المادّي الذي سيقع استخدامه حتما لتوتير الأجواء والإلهاء عن القضايا الأساسية.

 دعم جهاز القضاء بجميع الإمكانيات بما فيها المادي والمعنوي حتى يتسنى له الضرب على أيادي المفسدين.

في كل هذه المجالات، و على عكس ما يسوّق له، فإن صلاحيات رئيس الجمهورية، معززة بالاستفتاء الشعبي، تسمح له بالقيام بدور مهمّ، بالخصوص دور الحكم من أجل تقريب وجهات النظر والسهر على تذليل كل العراقيل التي تطرأ على سير دواليب الدولة.

و لا شك أن سر نجاح هذا العمل يكمن في الانسجام الضروري مع رئيس الحكومة لإعطاء سياسة الدولة وجهة متناسقة تقنع المواطن و تدعم ثقته في الماسكين بالحكم.

إنها فرصة لا تعوّض لإعادة قطار التغيير على السكّة الصحيحة وتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية كي نطوى صفحة الحقد والكراهية نهائيا و إلى الأبد.

هكذا نكون أوفياء لشهداء ثورتنا المجيدة و نجدد العهد من أجل تحقيق ما استشهدوا من أجله، الكرامة الوطنية التي لن تتجسّد إلا بالتقسيم العادل للثروة الوطنية و تكريس مبدأ التمييز الإيجابي لوضع حد للتفاوت بين الجهات.

بالفعل « الشعب يريد » فـــلننصت كلنا إليه و لنحمل آمال الشباب من أجل تونس العزيزة !

ونفوّت بذلك الفرصة على الحاقدين على تجربتنا والمتربصين ببلدنا العزيز